فصل: الخبر عن قواد الديلم وتغلبهم على أعمال الخلفاء بفارس والعراقين.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن قواد الديلم وتغلبهم على أعمال الخلفاء بفارس والعراقين.

كان للديلم جماعة من القواد بهم استظهر الأطروش وبنوه على أمرهم منهم: سرخاب بن وهشوذان أخو حسان وهو معدود في ملوكهم وكان صاحب جيش أبي الحسين بن الأطروش ثم أخوه علي ولاه المقتدر على أصفهان ثم ليلى بن النعمان من ملوكهم أيضا وكان قائدا للأطروش وولاه بعده صهره الحسن المعروف بالداعي الصغير على جرجان ثم ماكان بن كالي وهو ابن عم سرخاب وحسان ابنى وهشوذان وولاه أبو الحسين بن الأطروش مدينة استراباذ وأعمالها ثم كان دون هؤلاء جماعة أخرى من القواد فمنهم من أصحاب ماكان بن كالي أسفار بن شيرويه ومرداويج بن زيار بن بادر وأخوه وشمكير ولشكري ومن أصحاب مرداويج بنو بويه الملوك الأعاظم ببغداد والعراقين وفارس ولما تلاشت دولة العلوية واستفحل هؤلاء القواد بالاستبداد على أعقابهم في طبرستان وجرجان وكانت خراسان عند تقلص الدولة العباسية على الأطراف قد غلب عليها الصفار وملكها من يد بني طاهر ثم نازعه فيها بنو سامان والداعي العلوي وأصبحت مشاعا بينهم ثم انفرد بها ابن سامان كل منهم يعطي طاعة معروفة للخلفاء ومركز ابن سامان وراء النهر وخراسان في أطراف مملكتهم وزاد تقلص الخلافة عما وراءها فتطاول ملوك الديلم هؤلاء قواد الدولة العلوية بطبرستان إلى ممالك البلاد وتجافوا عن أعمال ابن سامان لقوة سورته واستفحال ملكه وساروا في الأرض يرومون الملك وانتشروا في النواحي وتغلب كل منهم على ما دفع إليه من البلاد وربما تنازعوا بعضها فكانت لهم دون طبرستان وجرجان بلاد الري وظفر بنو بويه منهم بملك فارس والعراقين وحجر الخلفاء ببغداد فذهبوا بفضل القديم والحديث وكانت لهم الدولة العظيمة التي باهى الإسلام بها سائر الأمم حسبما نذكر ذلك كله في أخبار دولتهم.

.أخبار ليلى بن النعمان ومقتله.

كان ليلى بن النعمان من قواد الديلم وكان أولاد الأطروش ينعتونه في كتابهم إليه المؤيد لدين الله المنتصر لأولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان كريما شجاعا قد ولاه الحسن بن القاسم الداعي الصغير على جرجان بعد الأطروش سنة ثمان وثلثمائة فسار من جرجان إلى الدامغان وهي في طاعة ابن سامان وعليها مولاه قراتكين فبرزوا إليه وقاتلوه فهزمهم وأثخن فيهم وعاد إلى جرجان فابتنى أهل الدامغان حصنا يمتنعون به وسار قراتكين إلى ليلى فبرز إليه من جرجان وقاتله على عشرة فراسخ فانهزم قراتكين وأثخن في عسكره وسار إليه فارس مولى قراتكين فأكرمه وزوجه أخته وكثرت أجناده وضاقت أمواله فأغراه أبو حفص القاسم بن حفص بنيسابور وأمره الحسن الداعي بالمسير إليها فسار وملكها آخر ثمان وثلثمائة وخطب بها للداعي وأنفذ السعيد نصر بن سامان عساكره من بخارى مع قواده حمويه بن علي ومحمد ابن عبد الله البلغمي وأبو حفص بنيسابور وأبو الحسن صعلوك وسيجور الدواني فقاتلوا ليلى بن النعمان عن طوس وهزموه فلحق بآمل واختفى فيها وجاءه بقراخان وأخرجه من الاختفاء وأنفذ بالخبر إلى حمويه فأمره بقتله وتأمين أصحابه فقتل وحمل رأسه إلى بغداد وذلك في ربيع سنة تسع وثلثمائة وبقي فارس غلام قراتكين بجرجان وعاد قراتكين إلى جرجان فاستأمن إليه مولاه فارس فقتله قراتكين وانصرف عن جرجان.

.أخبار سرخاب بن وهشوذان ومهلكه وقيام ماكان بن كالي بمكانه.

كان سرخاب بن وهشوذان الديلي من قواد الأطروش وبنيه وبايع لأبي الحسن بن الأطروش الناصر بعد مهلك أبيه بطبرستان واستراباذ وكان صاحب جيشه ولما انصرف قراتكين عن جرجان بعد مهلك ليلى بن النعمان سار إليها أبو الحسن بن الأطروش وسرخاب فملكوها وأنفذ السعيد نصر بن سامان سنة عشر سيجور الدواني في أربعة آلاف فارس لقتاله ونزل على فرسخين من جرجان وحاصرها أشهرا ثم برزوا إليه وأكمن لهم سيجور كمينا فتباطأ الكمين وانهزم سيجور واتبعه سرخاب.
ثم خرج الكمين بعد حين وانهزم أبو الحسن إلى استراباذ وترك جرجان واتبعه سرخاب في الفل بمخلفه ومخلف أصحابه ورجع سيجور إلى جرجان فملكها ثم مات سرخاب ولحق ابن الأطروش بسارية فأقام بها واستخلف ماكان بن كالي وهو ابن عم سرخاب فسار محمد بن عبيد الله البلغمي وسيجور لحصاره وأقاموا عليه طويلا ثم بذلوا له مالا على أن يخرج لهم عنها فتقوم لهم بذلك حجة عند ابن سامان ثم يعود ففعل ذلك وخرج إلى سارية ثم نزل إلى الشمانية عن استراباذ وولوا عليها بقراخان فعاد إليها ماكان وملكها ولحق بقراخان بأصحابه في نيسابور.